لم تعد أضرار التدخين خافية على كل مدخن بل انك عندما توجه نصيحة إلى كل مدخن وتقول له إن اقل أضرار التدخين هي سرطان الرئة فسوف تسمع منه الاجابة بأن هذا الكلام صحيح وأنا اعلم ذلك !فهل هو فعلا يريد أن يصاب بسرطان الرئة أو أي أمراض يسببها التدخين؟بالطبع الجواب سوف يكون بالنفي ولكن الإجابة التي تعودنا على سماعها من معظم المدخنين انه شر ابتلينا به ولا بد منه والكثير منهم يقول حاولت الإقلاع عنه ولكنني لم أستطع وآخر يقول لك انقطعت عنه فترة ثم عدت إليه مرة أخرى، فلماذا لا يستطيع المدخن الإقلاع عن التدخين وما هو شعوره خلال تدخينه للسيجارة وتجعله يتمسك بها ولا يتركها؟ هناك سببان رئيسيان يحولان دون الإقلاع عن التدخين هما الإدمان والشعور الوهمي بالسعادة وإزالة الهموم.
الإدمان نوعان:
نوع من الإدمان دخل في مجريات الدم وأصبح كالشيطان كما قال صلى الله عليه وآله وسلم (إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم)، وهذا النوع من الإدمان يدخل في مجاريه عشرات المواد الكيميائية السامة والضارة بالجسم، وأول هذه المواد السامة هي مادة النيكوتين وهي المادة الكيميائية الأساسية المسؤولة عن التسبب في إدمان تدخين السجائر. فحينما يبدأ المدخن باستنشاق السيجارة فإن النيكوتين الداخل عن طريق الرئتين يمتصه الدم وفي غضون ثماني ثوان يصل النيكوتين إلى المخ وعندها يشعر المدخن المدمن بالراحة وهدوء الأعصاب وهو ما يشبه قول الرسول الكريم صلى الله عليه وآله وسلم بدخول الشيطان إلى الجسم عن طريق الدم.فالشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم والنيكوتين اصبح يجري في الدم كأنه الشيطان بل قد اصبح الدم في جسم الإنسان المدخن وكأنه جزء من النيكوتين وليس النيكوتين ظرف طارئ على الدم.كما يسبب النيكوتين الموجود في السجائر خاصة المضاف اليه مادة الامونيا والتي تعطيه النكهة وتساعد على سرعة وزيادة ذوبان مادة النيكوتين وتسهيل عملية امتصاص النيكوتين في الدم بعد تحويله من الحالة الحامضة الى الحالة القلوية ثم الحالة الغازية ثم تبدأ العملية التدميرية في الدم وذلك بزيادة في معدل ضربات القلب، ومعدل ضغط الدم، ويسبب تقلص الأوعية الدموية في الجسم وبالأخص الشرايين، مما يعني أن على القلب أن يضخ الدم بصورة أقوى حتى يستطيع أن يوفي بحاجة الجسم من الغذاء والأوكسجين. وهذا مما يتعب ويرهق القلب حتما مع مضي الزمن. ويؤدي كذلك هذا النوع من النيكوتين إلى زيادة قدرة الصفائح الدموية على التجمع والالتصاق والتخثر، وهذا أمر له خطورته لأن هذا الأمر يساعد على سرعة وسهولة تجلط الدم، وقد تحدث التجلطات نتيجة لذلك في الساقين والقدمين، أو في شرايين القلب التاجية، أو حتى في المخ.
ومن المواد الضارة الأخرى هو أول أوكسيد الكربون ويعمل هذا الغاز على إضعاف قدرة الخلايا الحمراء في الدم على حمل الأوكسجين وتوصيله إلى خلايا الجسم المختلفة والتي لا تعيش إلا به. حيث يحل غاز أول أوكسيد الكربون محل الأوكسجين في خلايا الدم الحمراء وذلك بعد طرد الأوكسجين منها، حيث إن قدرة دخول هذا الغاز إلى داخل الخلايا الحمراء تفوق قدرة الأوكسجين على ذلك بنحو 200 مرة. هذا علاوة على أن غاز أول أوكسيد الكربون يتسبب في تلف جدران أوعية الدم، وخصوصا الشرايين. وعند المدخن المدمن يوجد ما لا يقل عن 15% من مجموع الخلايا الحمراء متشبعة بهذه المادة بدلا من الأوكسجين في أي وقت من الأوقات.طبعا وهناك العشرات بل المئات من المواد الضارة نذكر بعضا منها مثل مادة الأسيتون ومادة البنزين وعنصر الكادميوم ومادة الفورمالديهايد ومادة سيانيد الهيدروجين وعنصر الرصاص وعنصر الزئبق ومادة الميثانول ومادة القطران وغيرها الكثير وكل منها له من الاضرار ما لا حصر لها على اعضاء الجسم كله. ولو نظرنا نظرة كلية شاملة على عملية الضرر الذي تحدثه السيجارة في جسم الانسان لوجدنا ومن خلال العرض السابق ان الضرر يصيب الدم بشكل مباشر ثم يتوزع الضرر من خلال الدم وهو الناقل الطبيعي للاوكسجين والمواد اللازمة الى اعضاء الجسم كله.
لقد عمل المدخن ضد اوامر الله سبحانه وتعالى وضد نواهيه ان الله سبحانه وتعالى يقول في كتابه الكريم:
“وَأَنفِقُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوَاْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ” (البقرة آية 195).
وما دام أهل العلم والطب يقولون لك ان الدخان يسبب لك امراضا كثيرة فأنت تلقي بنفسك وجسدك الى التهلكة لا محالة وأهدرت ما لا كان يمكن أن يصرف في سبيل الله أولهم أهل بيتك.
وماذا عمل المدخن ايضا بحديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الذي يحثنا فيه على اجتناب تبيغ الدم حتى لا يقتل صاحبه.لقد عمل بعكس اوامر الرسول صلى الله عليه وآله وسلم تماما وأضاف عوامل كثيرة لزيادة تبيغ الدم في الجسم وعرض نفسه وجسمه لمضاعفات اضرار ما يحدثه الدم اذا تبيغ. وبعبارة اخرى عرض جسمه لعملية قتل مع سبق الاصرار والترصد بل اصرار وترصد باتباع الهوى في قتل النفس التي حرم الله الا بالحق اي ان المدخن ارتكب جريمة من تحتها جريمة ومن فوقها جريمة جرائم بعضها فوق بعض الصحة اولها وهدر المال ثانيها والتفريط اوسطها ولو تتبعنا تفريط المدخن في صحته وماله وما يقوده ذلك التفريط لوصلنا به الى التهاون في قضايا مصيرية كبيرة.
وجاء في الحديث الشريف عن أنس بن مالك رضى الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “من أراد الحجامة فليتحر سبعة عشر أو تسعة عشر أو إحدى وعشرين ولا يتبيغ بأحدكم الدم فيقتله”.... سنن ابن ماجه.
وفسر علماء اللغة تبيغ به الدم أي هاج به وتبيغ به الدم غلبه. وقيل: أَصله من البَغْي وقال بعض العرب: تبيَّغ به الدم أَي تَرَدَّدَ فيه الدم. وتبيغَ الماءُ إذا تَرَدَّدَ فتَحَيَّرَ في مَجْراه مرّة كذا ومرّة كذا. وقد حث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على عمل الحجامة حتى لا يتبيغ الدم فيقتل صاحبه، ولو نظرنا الى دم المدخن من خلال العرض التحليلي لتركيبة الدم الذي تشبع بمواد سامة اولها مادة النيكوتين وآخرها القطران (الزفت) وبينهما مئات المواد السامة القاتلة لعرفنا ان الدم يتبيغ بصاحبه في كل سيجارة يدخنها اي ان الدم سوف يقتل صاحبه لا محالة كما قال رسولنا الكريم صلى الله عليه وآله وسلم كما في الحديث السابق.
ماذا تعمل “الحجامة” للمدخن
كي يقلع عن التدخين؟
من خصائص وفوائد الحجامة انها تخلص الجسم من الكريات الحمراء المعطلة والدم غير المرغوب فيه، وتُبقي للبدن كرياته البيضاء المسؤولة عن المناعة والتصدي للأمراض، وتخلص الدم من كل الشوائب والفضلات والرواسب الدموية مما يؤدي الى تنشيط كل الأجهزة والأعضاء الحيوية في كل الجسم بل ان الدم المستخرج من عملية الحجامة يكاد يكون خالياً من كل العناصر المفيدة للجسم وكل عناصره المستخرجة هي من المواد التي يلفظها الجسم ويعمل على التخلص منها بوظائف الاعضاء الشريفة في الجسم مثل الكبد والكلى والطحال وغيرها، فالحجامة تقوم بهذه العملية مما يساعد على تخفيف الأعباء عن تلك الاعضاء في الجسم فيزيد نشاطها وحيويتها مما يصب في النهاية في زيادة مناعة الجسم في مقاومة الامراض. وفي حالة المدخنين فإن الحجامة تعمل على تنظيف وفلترة (تصفية) الدم وتخليصه من كل المواد السامة التي احدثتها السيجارة في الجسم خاصة مادة النيكوتين التي ساعدت في عملية الادمان. وإذا تخلص الجسم من هذه السموم فسوف يساعد ذلك على القضاء على الادمان الجسمي الذي عشش في الدماغ على ان تصاحب ذلك ارادة قوية من المدخن ورغبة في التخلص من هذه المصيبة فإن كثيراً من المدخنين عافاهم الله وعفا عنهم اصبحت السيجارة بالنسبة لهم كالمخدرات اذا لم يتعاطاها اثرت في مزاجه ونفسيته فقد اصبحت جزءاً من دمه وهو ما نعمل على ازالته بالحجامة بإذن الله تعالى.
اين تعمل الحجامة في الجسم؟
تعمل الحجامة أولا في الكاهل وهي اهم موضع من مواضع الجسم التي يتم عمل الحجامة فيها فهي مستنقع الاخلاط الضارة وهي منطقة راكدة غير متحركة في الجسم وهي التي نبدأ بها دائما عملية الحجامة لأي مرض من الامراض.
بعد ذلك نحتاج الى حجامة في الرأس في منطقة الهامة وامتداد الاخدعين خلف الاذنين وممكن ان نضيف الى ذلك اسفل الظهر.
أما عن السؤال الذي يتبادر الى ذهن القارئ وهو كم مرة لعملية الحجامة يحتاجها المدخن حتى يقلع عن التدخين؟ فإن اجابة هذا السؤال تحتاج لعدة عناصر وهي:
مدى الرغبة لدى المدخن من اجل الاقلاع عن التدخين وقوة الارادة التي يتحلى بها المدخن والفترة الزمنية التي امضاها المدخن وهو يحرق في جسمه وماله؟ وكم علبة سجائر يدخن في اليوم والليلة؟
فربما يحتاج الى مرة وربما يحتاج الى اثنتي عشرة مرة. على كل حال فانني أهمس في أذن كل من استهوته السيجارة ولا يريد ان يتوقف عن التدخين في الوقت الحالي على الاقل فإنني انصحه بعمل الحجامة بشكل دوري حتى يزيل بعض الاخلاط الضارة والسموم التي ادخلت في دمه لنحميه من شرور التبيغات وما يترتب على ذلك من اضرار شرحناها بالتفصيل فيما سبق.
اما النوع الثاني من الادمان وهو لا يقل خطورة عن الادمان الاول وهو الادمان النفسي والحركي.
ولعلاج هذا النوع من الادمان فهو يحتاج الى علاج نفسي وحركي او علاج مثلي او ما يطلق عليه (بالهيموباثي) وهو ما سوف يكون موضوعنا بالتفصيل في عدد قادم بإذن الله تعالى والله من وراء القصد .
منقــــــــــــــــول .
الأستاذ : ماجد الكردي
باحث في الطب النبوي والحجامة