(التهاب العصب السابع)
يقول الثعالبي في فقه اللغة: اللَّقْوَةُ أَنْ يَتَعَوَّجَ وَجْهُهُ ولا يَقْدِرَ على تَغْمِيضِ إحْدَى عَيْنَيْه، وفي لسان العرب اللَّقْوة: داء يكون في الوجه يَعْوَجُّ منه الشِّدق، وفي حديث ابن عمر: أَنه اكْتَوَى من اللَّقْوَة، وهو مرض يَعْرِضُ لوجه فيُميلُه إِلى أَحد جانبيه. واللقوة يعرفها الطب الحديث بأنها خلل ما يصيب العصب السابع أو شلل مؤقت لعضلات الوجه في إحدى الجهتين ناتج عن التهاب مجرى العصب السابع أو إصابة مركز نواة عصب الوجه في المخ. وهو أحد الأعصاب التي تغذي الوجه وتتحكم في حركة عضلاته.
إذا ما تضرر هذا العصب لأي سبب من مرض معد كالدرن أو التهاب السحايا أو نتيجة الإصابة بمرض جهازي أو أيضي كداء السكري أو التهاب المفاصل أو النقرس أو بسبب نقص الفيتامينات أو بسبب الكحول والنيترين والفسفور الموجود في أعواد الثقاب وبعض أنواع السموم وفي بعض الأحيان بسبب عدوى فيروسية تصيب الإنسان أو بسبب تغييرات كيميائية ضارة تصيب الخلايا الحية، أو بسبب التغير المفاجئ بالجو المحيط بالمريض من جو دافئ إلى بارد أو العكس مما يسبب التهاب القناة التي يجري فيها العصب. أو بسبب حالات نفسية مثل الحزن الشديد أو الفرح الشديد.
وفي حالة إصابة هذا العصب بأي سبب من الأسباب سالفة الذكر أو أي أسباب غير معروفة فان حركة العضلات المسؤول عنها هذا العصب مثل تعابير الوجه وإغماض العين وحركات الشفاه وحركات العظم أثناء البلع ورفع الحواجب كلها تصبح في حالة عطل أو شلل نصفي فيصبح فمه مائلاً، خاصة عند التبسم وشلل بعضلات إحدى الجهتين بالوجه ينتج عنه عدم القدرة على التحكم بالماء والطعام داخل الفم. ويزداد إفراز دموع العين ويشعر بالآم خلف الأذن وهو موضع خروج العصب وفي بعض الحالات يصعب عليه تذوق الطعام.
وقد سمي هذا المرض باسم (شلل بل) بعد اكتشافه بواسطة السير (شارلز بل) (1774- 1842 م) وكان ذلك في سنة 1823 بعد أن وصفه وصفا دقيقا.
أما الطبيب المسلم ابن سينا فقد ارجع السبب الرئيسي للمرض هو البلغم أو الخلط البارد الرطب اللزج وهو خلط خطير يمكن أن يكون أحد أسباب المرض وقد شرح ابن سينا الأسباب الآتية للمرض.
* يمكن أن يكون نتيجة تقلص في أحد جانبي الوجه، وهذا التقلص بسبب اليبوسة أو الجفاف
* إن سبب التقلص نتيجة البرد والخلط اللزج، حيث يأتي من المخ ويملأ عصب الفك فيتسبب الجانب المتقلص في شد الجانب الآخر. وعليه فإن درجة تطابق الشفتين والعيون على بعضهما البعض لا يكون مثل الجانب السليم.
وعلى الرغم من العلاجات المستخدمة حديثا لعلاج اللقوة مثل مضادات الالتهاب والفيتامينات والمراهم والقطرات المرطبة للعين أو باستخدام التيارات الكهربائية لتنبيه نهايات الأعصاب وفي بعض الأحيان يعطى المريض الكورتيزون وبالرغم من ذلك فإن النتائج تكون بطيئة ولفترة علاج ليست بالقصيرة.وهي علاجات معظمها مسكنات للألم ولا تركن إلى إزالة الأسباب الحقيقية للمرض ولا تزيل الأخلاط الضارة من الجسم الذي أحدثته أسباب المرض المعروفة أو الغير معروفة
فإن الحجامة هي أنجع علاج لهذا المرض من خلال قيامها بإخراج الأخلاط الضارة في الدم واخراج البلغم أو الخلط البارد الرطب اللزج من الأعصاب فماهي طريقة العلاج بالحجامة؟
وماهي آلية العمل؟ وأين المواضع التي يتم فيها عمل الحجامة؟
وهل هناك مساعدات علاجية مع الحجامة؟
تبدأ عملية الحجامة في المواضع الأساس وهي الكاهل المواضع 1/55 لاخراج الأخلاط الضارة من الجسم عن طريق الدم بشكل عام ويستحسن خلال عمل الحجامة أن تنقع القدمين في ماء مطبوخ به حرمل وبابونج واكليل الجبل وعاقر قرحة بعد تبريده. واعتمادا على نظرية العلاج الانعكاسي REFLEX فان باطن القدم هي منطقة أعصاب تتمثل فيها كل أعضاء الجسم من كبد وكلى ورقبة ووجه وأمعاء.....الخ. فإذا علمنا أن دوران الدورة الدموية في الجسم تمر على كأس الحجامة في كل دقيقة مرتين مما يجعلها بمثابة الفلترة للدم المليء بالأخلاط الضارة في الجسم وسوف تقوم باطن القدم بامتصاص كل العناصر الموجودة في الماء وإدخالها إلى الجسم خلال تلك الدورة الدموية وهي مواد تعمل على علاج الأعصاب التي أصابها المرض والدخول خلال سريان الدم في تلك الدورة المستمرة خلال عمل الحجامة وتبدو العملية وكأنه دم مليء بالأخلاط يخرج من الجسم من خلال الحجامة ودم جديد يحل محله في الأوردة والشرايين محملا بمواد علاجية دخلت الجسم عن طريق باطن القدم.
( إذا أردت أن تتأكد من صحة هذه النظرية فقم بوضع قدميك في الحنظل الطازج لمدة نصف ساعة فسوف تجد مرارة الحنظل في حلقك وكذلك الحال لو كان الثوم مثلا).
ثم انظر إلى الإعجاز الإلهي في الآية القرآنية من سورة ص آية 41/42
( وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ 41 ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ 42).
فقد وصف الله سبحانه وتعالى لنبي الله أيوب علاجا شافيا عندما أصيب بالمرض وذلك بأن يركض برجله في الماء البارد ويشرب منه ليشفى من مرضه الذي ابتلي به فاغتسل نبي الله أيوب بالماء فذهب عنه الداء من ظاهره وعندما شرب من الماء ذهب الداء من باطنه وهذا ما نسميه اليوم بالعلاج الخارجي والداخلي علاج يصلح ظاهر الجسم وعلاج يصلح أعضاء الجسم الداخلية التي أصابها الخلل.
وعلى أي حال فان هذا الماء ( المطبوخ ) نحن بحاجة إليه مرة أخرى في الجزء الثاني من العلاج ولكننا نحتاجه مغليا ودون تبريد عندما نقوم بعمل الحجامة في مواضع الوجه في المنطقة المصابة، والمنطقة السليمة والتركيز على المنطقة المصابة التي حصل فيها الشلل وخاصة 110/111//112/113/114.
وبعد الانتهاء من عملية الحجامة بأكملها نقوم بعمل( مساج ) تدليك للوجه باستخدام زيت اللوز المر الممزوج بقليل من زيت الخروع بعكس المنطقة المصابة أي يكون المساج متجها من أعلى السليمة بشكل دائري إلى أعلى الجهة المصابة، وهذا التدليك يتم بعد تعريض وجه المريض لبخار الماء الساخن المغلي السابق الذي يحتوي على الحرمل والبابونج وعاقر قرحة واكليل الجبل لمدة ثلاث دقائق ثم يعمل له مساج بالزيت بالطريقة السالفة الذكر وتستمر العملية لعشر مرات في الجلسة الواحدة تقريبا وكلما كان هذا العلاج بعد الإصابة مباشرة باللقوة كانت النتائج باهرة وسريعة.
وننصح المريض بعد عملية الحجامة عدم تناول اللحوم لمدة ستة أيام والابتعاد عن الجماع لمدة ثلاثة أيام والإكثار من أكل الخضراوات والعصائر الطازجة والابتعاد عن كل التوابل الحارة، وننصحه بشكل عام ب:
* عدم التأخر في العلاج، فكلما كان العلاج أسرع كان الشفاء أسرع.
* ارتداء نظارة شمسية غامقة لحماية العين من الغبار وأشعة الشمس حتى لا تتعرض للجفاف.
* مضغ اللبان الدكر بشكل مستمر كتمرين مقوي لعضلات الوجه، ومحاولة إمالة الفم أثناء المضغ إلى الجهة السليمة مع إغلاق العين المصابة بإحكام.
* عدم التعرض لتيارات الهواء الباردة أو الحارة ثم الانتقال للهواء البارد أو العكس
* الابتعاد عن الغضب بأشكاله والحزن بأنواعه فهما سبب رئيسي لكثير من الأمراض.
منقول – الباحث ماجد الكردي